السلفية في تونس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّة"فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني

اذهب الى الأسفل

الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّة"فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني Empty الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّة"فضيلة الشيخ عبد المالك رمضاني

مُساهمة  أحمد سالم الخميس سبتمبر 15, 2011 2:20 pm

الجَوابُ الحاسِمُ لبَعض الشُّبَه القِتاليَّة



بقلم:
فضيلة الشَّيخ
عبد المالك بن أحمد رمضاني الجزائري
حفظه الله



تَنبيهانٌ مُهمَّانِ:





التَّنبيهُ الأَوَّل:


لقَد رَددتُ في هَذا الفَصل على مَسألةِ تَشبيهِ التَّفجيرِ العامِّ برَمْى التُّرس ، كما رددتُ على مَسألةِ الاغتِيالاَتِ وغَيرِهما بأَجوبةٍ تَفصيليَّةٍ لكن باختِصارٍ ، معَ أنَّه كانَ يَسعُني أن أُجيبَ في ذلكَ بجَوابٍ واحدٍ حَاسمٍ ، ألاَ وهوَ أن أَقولَ : إنَّ هَذه العمليَّات القِتاليَّةَ يُتكلَّمُ فيها عندَ تَوفُّرِ أمرَين :
أحدُهما: إثباتُ شَرعيَّةِ القِتالِ في الوَاقعةِ المُعيَّنةِ، لأنَّ تلكَ المَسائلَ المَردود علَيها مُتفرِّعةٌ عنه.
وثَانِيهما: أن تكونَ تلكَ بأَمرٍ مِن السُّلطانِ، وقد مرَّ دَليلُه قريباً
إنَ تلكَ القُيودَ التَّفصيليَّةَ الَّتي سبَقَ نقلُها في هَذه الفُروع الجِهاديَّةِ ذكَرَها العُلماءُ تِباعاً لفَرضيَّةِ الجِهادِ في الواقعةِ المعيَّّنةِ،أي حينَ يَكونُ الجِهادُ مشروعاً وكانَ رَميُ التُّرس مثلاً بأَمْر وتَقديرِه مع أَهْل الحلِّ والعَقدِ في هَذا الإختِصاص، وهَذانِ الأَمرانِ لاَ يَتكلَّم فيهما إلاَّ أُولُو الأَمرْ :
العُلماءُ والأمراءُ كما مرَّ قريباً، فأمَّا العُلماءُ فهُم الَّذين يَملكونَ القُدرة العلميَّةَ على الحُكم في الوَقائع والنَّوازل بما تَستحقُّه من تَشريع الجِهادِ أو عَدمِه، وأمَّا الأُمراءُ فهُم يَملكونَ النَّظرَ في الجِهةِ العَسكريَّةِ وقُدراتهم مع مَن معَهم مِن ذَوي الاختصاص كما يَملِكونَ حقَّ الأَمرَ والنَّهي.
وأمَّا إذَا حكَمَ أُولُو الأَمر بعدَم مشروعيَّةِ الجِهاد في الوَاقعةِ المُعيَّنةِ فلاَ كلاَمَ في التُّرس وقُيودِه وكَذا الاغتِيالاَت ومَا يَتبعُها ، لأنَّه يُقالُ : أَثبِتِ الأَصلَ ثمَّ أَتبِعْه بالبَحثِ العِلميِّ عن حُكْم الفَرع، أو يُقالُ: أَََثبتِ العرش ثم انقُشْ، وينبغي أن يُتنبَّهَ لهَذا ، لأنَّه الجَوابُ الحَاسمُ للمَسألةِ دونَ احتياجِ إلى التَّفصيلاَت السَّابقةِ ، فإنَّ كَثيرًا ممَّن يَطرقُها يَظلُّ يَستدلُّ لها أو علَيها غافلاً عن أصلِها الَّذي
هو حُكمُ تشريعِ القِتالِ في الواقعةِ المَبحوثةِ، فإنَّ القِتالَ حينَ لاَ يُشرَع في وَاقعةٍ مَا يَسقطُ بَحثُ رَمُي التُّرس وغَيرِه تَماماً، لأنَّه لاَ يُسألُ عنه وأَصلُ القِتالِ غيرُ مُثبتٍ، ولذَلكَ أَنصحُ كلَّ مَن يُفتَح معَه الكلامُ عن فُروعٍ جِهاديَّةٍ كهَذهِ أن يَكونَ يَقظًا حتَّى لاَ يُستدرَج لبَحثٍ فَرعيٍّ وأَصلُه غيرُ مَحرَّرٍ ولاَ مُقرَّرٍ ، ثمَّ يَخرجُ مُختلِفًا مع مُجادلةِ حولَ الخَيالاَتِ ، فمضن قالَ : لديَّ الأدلَّةُ على جَواز التَّفجيراتِ أو الاغتِيالاَتٍ، فقُلْ له قبلَ أن يَستكثِرَ أو يُثرثِر : وهَل حَكَمَ العُلماءُ الأَكابرُ على قِتالِكم مِن أصلهِ بأنَّه جِهادٌ ، أم أنَّكم تَنطلِقونَ من فَتاوَى الأَصاغرِ في المَواقع العَنكبوتيَّة؟! ولاَ يُزادُ على هَذا .
أنَا أعلمُ هؤلاَءِ المُقاتِلينَ اليَومَ الَّذينَ يَقومونَ بما ذُكِر يَعتبِرونَ العُلماءَ خَونةَ فلذَلكَ اتَّخذوا لهم رُؤوسًا غيرَهم يَرجِعونَ إليَهم في المَسائِل العِلميَّة ، كما أنَّهم يَعتبِرونَ السَّلاَطينَ اليومَ كَفَرَةً ، فلذَلكَ اتَّخذوا لهم أُمراءً يَأتمرونَ بأَمرِهم وإن كانُوا في الوَاقع مُتعدِّدِين بتَّعدُّدٍ جَماعاتِهم المختلِفَةٍ الآراء .
ولمَّا كانَ طَلبةُ العِلم الَّذينَ يَرجِعونَ إِليهم إن صحَّ اعتِبارُهم طلَبةٌ لاَ يَعرِفُونهم العُلماءُ في الغالبِ لانقِطاع أُصولهم العِلميَّةِ فَضلاً عن أن يَحظَوا مِنهم بتَزكيةٍ، ولمَّا كانَ أَميرُ هؤلاَءِ المُقاتلِين اليومَ بل أُمراؤُهم غَيرَ مُعترَف بهم عندَ العُلماءِ ، فلاَ داعيَ لبَحثِ تلكَ المَسائل ، وإنَّما بحَثتُها مِنَ قَبلُ بالتَّنفُّل، وعلى افِتراضِ التَّسليم والتَّخيُّل .
فعلى أَصحاب هَذه الأَفكارِ إِثبات المُقدِّماتِ الآتيةِ:
أ - أنَّ العُلماءَ خَونةٌ بالدَّليلِ الوَاضح لاَ الأَحاجِي المُختَرعة والحِكاياتِ المَقطوعةِ الأَسانيدِ.
ب – أنَّ الحكَّامَ كَفَروا بالدَّليلِ الواضِح أَيضاً لاَ العَواطف.
جـ - أنَّ قِتالَهم جِهادٌ مَشروعٌ.
د – لو فُرِض ذَلك ، هُنالكَ فقَطْ يُنظَر في القُيود الَّتي نَقلتُها آنفاً عن القُرطبيِّ وغيرِه : هَل تَنطبقُ على الفُروع القِتاليَّةِ المُراد بَحثُها ؟
وإذ لم يَفعَلوا إلى الآن وأَهلُ العِلم يُخالِفونَهم إلى الآن ، فلاَ داعيَ للبَحثِ معَهم في مِثل مَا سَبَقَ ، وتَبقَى إذاً تلكَ الدِّماءُ الَّتي يَتقرَّبونَ بها إلى الله دِماءَ فِتنةٍ ، ويومَ القِيامةِ يَتعلَّقُ أَصحابُها بأَعناقِهم يَقولُ أحدُهم : " أَيْ رَبِّ سَلْ هَذا فيمَ قَتلَني ؟! " كماصحَّ ذلكَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رَواه النَّسائي (3999) وابن ماجَه (2621)، نَسألُ اللهَ العافيَةَ.
والخلاَصةُ أنَّ هؤلاَءِ أسَّسوا حُكمَهم على سِلسلةٍ من المُخالفَاتٍ :
- فخالَفوا العُلماءَ في تَخوينهم .
- وخالَفوا العُلماءَ في تَكفيرِ حكَّامِهم.
- وخالَفوا العُلماءَ في ادِّعاءِ مشروعيَّةِ بل وُجوبِ الجِهادِ فيما هُم فيهِ.
- ثمَّ خالَفوا العُلماءَ في الأَحكام القِتاليَّةِ الأَخيرةِ، والفُقهاءُ يَقولونَ : مَا بُنيَ على فاسِدٍ فهوَ فاسِدٌ ، لأنَّ اللهَ يَقولُ : ﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيـَنَهُ عَلَى تَقْوىَ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرُ أم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيـَنَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فيِ نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِى القَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [ التوبة ]








التَّنبيهُ الثَّاني:







قِتالُ المُسلمِين أَهْلَ البَغي والخَوارجَ متَى أَذن فيهِ الإمامُ لاَ يَدخلُ تحتَ قِتالِ الفِتنةِ، ودَليلُه قولُ الله تَعالى : ﴿وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِىءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَآءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ﴾ [ الحجرات ]
وروَى البخاري (2691) ومسلم (1799) عن أنَس رضي الله عنه قَالَ: " قِيلَ للِنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: لَوْ أَتَيْتَ عَبْدَ الله بنَ أُبيٍّ، فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ورَكِبَ حِمَاراً، فَانْطَلَقَ المُسْلِمُونَ يَمْشُونَ مَعَهُ وهِيَ أَرْضٌ سَبِخَةٌ، فَلمَّا أتَاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إِلَيْكَ عَنِّي، والله لَقَدْ أَذَانِي نَتْنُ حِمَارِكَ ! فَقَالَ رَجُلٌ مِن الأَنْصَارِ مِنْهمْ: والله ! لَحِمَارُ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أطْيَبُ رِيحًا مِنْكَ ! فَغَضِبَ لِعَبْدِ الله رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَشَتمَهُ، فَغَضِبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَصْحَابُهُ، فَكَانَ بَيْنَهُمَا ضَرْبٌ بِالجَرِيدِ والأَيدِي والنِّعَالِ، فَبَلَغَنَا أَنَّهَا أُنْزِلَتْ:
﴿ وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [ الحجرات ] ، قالَ ابن المُنذر في الإشراف على مذاهب العُلماء (8/217): " وإذَا اعتَزلَت جَماعةٌ من الرَّعيَّة إمامَ المُسلمِينَ ومنَعوه حقًّا من الحُقوقِ، ولم يَعتلُّوا فيه بعلَّةٍ يَجبُ على الإِمام النَّظرُ فيه، ودَعاهم الإِمامُ إلى الخُروج ممَّا يجِبُ علَيهم، فلم يَقبَلوا قولَه وامتنَعوا من أَداءِ ذلكَ إلى الإِمام ، فحقٌّ على إِمام المُسلمِين حَربُهم وجِهادُهم ليَستخرج مِنهم الحقَّ الَّذي وجَبَ علَيهم ، وحقٌّ على الرَّعيَّةِ قِتالُهم مع إمامِهم إذَا استَعان الإِمامُ بهم ، كما فعلَ أبو بَكرٍ الصِّديقُ رضي الله عنه في قِتالِ مَن منَعَ الزَّكاةَ ... " ، إلى أن قالَ : " فَهذَا مع دلاَئل سُننِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم كالإِجماع من المُهاجرين والأَنصارِ على أنَّ الصِّدِّيقَ قامَ في ذلكَ بحقٍّ وجَبَ علَيه القِيامُ به (2)، وأمَّا عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضي الله عنه فقَد بلَغَه عن القَوم الَّذينَ قاتَلوا كلاَمًا قبلَ أن يَقتُلوا عبدَ الله بنَ خبَّابٍ فلم يُقاتِِلْهم ، فلمَّا قَتلوا عبدَ الله بنَ خبَّاب قالَ لهم : أقِيدوني من ابن خبَّابٍ (3) ،قالُوا: كلُّنا قتَلَه ! فحِينئذٍ استحَلَّ قِتالَهم فقتَلَهم "
ثمَّ استدلَّ أيضًا بالحَديثِ الَّذي فيه الأَمرُ بقِتالِ الخَوَارج ، لأنَّ الغرضَ هوَ التَّنبيه فقَطْ .
واستَدلَّ ابن المُناصف في الإنجاد في أبواب الجهاد (2/652) بما نقَلتُه آنفًا عن ابن المُنذر ، وفي نُصرةِ الرَّعيَّةِ إِمامَهم على هَذا القِتالِ استدلَّ (2/653) بقَوله تَعالى : ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ ﴾[ المائدة ] ، وبحَديثِ عَبدَ بنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ في أُمَّةٍ قَبْلي إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ، ثُمَّ إنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ، وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ ، ولَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ " خرَّجَه مُسلمٌ (50) ، فجعَلَ الحَديثَ دَليلاً على قِتالِ أهل البَغي كما جعلَه دَليلاً على قِتالِ الخَوَارج .
لكن قد يُترَك قِتالُهم إذَا كانَ مُؤدِّياً إلى تَرويع عامَّةِ البلاَد ، وهَذا يَعرفُه أهلُ العِلم بالتَّشاورِ مع أُولى الأَمْر ، ونَظيرُه فِعلُ الصَّحابةِ زمَنَ اختلاَفِ ابن الزُّبِير رضي الله عنه مع بَني أميَّة ، فإنَّه قد مرَّ نقلُ امتِناعِهم من نُصرةِ إِحدَى الطَّائفَتين ، وأنَّهم اعتذَروا عن ذَلكَ بخَوفِ إراقةِ دِماءِ الأَبرِياء ، واللهُ وليُّ التَّوفيقِ .








الحواشي:
(1): العُلِّيَّة والعِلِّيَّة: هيَ الغُرفةُ كما في لسان العرب لابن منظور كلمَة ( علاَ ) .
(2): صرَّحَ بأنَّه إِجماعٌ ابنُ المناصِف في الإنجاد (2/656)
(3): أي طلَبَ مِنهم قاتِلَ ابنِ خبَّابٍ ليَقتصَّ منه .





مستل مِن الكِتاب



" تَميِيْزُ ذَوِي الْفَطن بَينَ شَرَفِ الجِهَادِ وَسَرَفِ الفِتَن





كتبه على الجهاز في مجالس مختلفة
بعد مراجعةكان آخرها بعد العصر
ليوم: 06/02/2010- 21

صفر 1431هـ
سفيان ابن عبد الله الجزائري – غفر الله له
مَنْطِقة القَبائِل - حَرسَّها الله مِن الفِتَن

http://www.sheikh-ramdani.com/fr/node/399

أحمد سالم

المساهمات : 126
تاريخ التسجيل : 13/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى