السلفية في تونس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لزوم البيوت وتكسير السلاح أيام الفتنة "للشيخ عبد المالك بن أحمد رمضاني "

اذهب الى الأسفل

لزوم البيوت وتكسير السلاح أيام الفتنة "للشيخ عبد المالك بن أحمد رمضاني " Empty لزوم البيوت وتكسير السلاح أيام الفتنة "للشيخ عبد المالك بن أحمد رمضاني "

مُساهمة  أحمد سالم الأربعاء يونيو 08, 2011 12:09 pm

لزوم البيوت وتكسير السلاح:

تُلزم البيوت ويكسر السلاح أيام الفتنة لئلا يستدرج المرء إليها من حيث لا يشعر، فقد روى أحمد(4/408) بإسناد حسن عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( كسروا قِسِيَّكم، وقطعوا أوتاركم يعني في الفتنة، والزموا أجواف البيوت، وكونوا فيها كالخيِّر من بني آدم )فقد قال هنا صلى الله عليه وسلم: (كسِّروا)، ولم يقل: اكسروا، وقال: (قطِّعوا) ولم يقل: اقطعوا، مبالغة في القضاء على وسائل القتال قطعا لدابر الفتن، قال المباركفوري في "تحفة الأحوذي"(6/371): ( (كسِّروا فيها قِسِيَّكم): بكسرتين وتشديد التحتية جمع القوس، وفي العدول عن الكسر إلى التكسير مبالغة، لأن باب التفعيل للتكثير، وكذا قولهSadوقطِّعوا): أمر من التقطيع، (فيها أَوْتَاركم): جمع الوَتَر بفتحتين، وفيه زيادة من المبالغة، إذ لا منفعة لوجود الأوتار مع كسر القسي، أو المراد به أنه لا ينتفع بها الغير، ولا يستعملها في دون الخير ).

وبهذا جرى نصح السلف لبعضهم البعض، فقد روى ابن أبي شيبة (8/593) بإسناد صحيح عن حذيفة – رضي الله عنه- قال: ( إن للفتنة وقفات وبعثات، فإن استطعت أن تموت في وقفاتها فافعل )، وفي رواية له حسنة(8/597) : ( قيل لحذيفة: ما وقفات الفتنة وبعثاتها؟ قال: بعثاتها سلُّ السيف، ووقفاتها إغماده )، وروى نعيم بن حماد في "الفتن" (350) وابن أبي شيبة (7/450) والحاكم (4/444) بإسناد صحيح عن ربعي بن حراش عن حذيفة – رضي الله عنه – قال: ( قيل: يا أبا عبد الله! ما تأمرنا إذا اقتتل المصلون؟ قال: آمرك أن تنظر أقصى بيت من دارك فتلج فيه، فإن دخل عليك فتقول: ها! بؤ بإثمي وإثمك! فتكون كابن آدم )، زاد في رواية: ( قال: قل: إني لن أقتلك إني أخاف الله رب العالمين ).

وبه جرت سيرتهم العملية، فإنه لما اختلف عبد الله بن الزبير – رضي الله عنه – وعبد الملك بن مروان على الملك لزم جمهور الصحابة بيوتهم ولم يقاتلوا مع أحد منهما، على الرغم من أن ابن الزبير صحابي، ولا يقوم لصحبة شيء بعد النبوة، لكن لما كان تأييده يوغل الناس في الدماء والاختلاف أحجم جمهور الصحابة عنه كما مر، وسيأتي زيادة بيان في ذلك.

وروى المعافى في "الزهد" (48) وابن شبة في "تاريخ المدينة" (4/1242) وابن بطة في "الإبانة" وابن عبد البر في "التمهيد" (17/442) عن سيَّار بن عبد الرحمن قال: قال لي بكير بن الأشج: ( ما فعل خالك! قال: قلت: لزم البيت منذ كذا وكذا، فقال: ألا إن رجالا من أهل بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم ).

ومن تطبيقات السلف لهذه النصوص النبوية ما جرى لإبراهيم النخعي – رحمه الله – حيث خرج يوم الزاوية ويوم الجماجم، فقيل له: (أين كنت يوم الزاوية؟ قال: في البيت، قالوا: فأين كنت يوم الجماجم؟ قال: في بيتي )ذكره الذهبي في "السير"(4/526)، وفي ترجمة عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب من "الطبقات الكبرى" لابن سعد (ص365- القسم المتمِّم) قال ابن سعد: ( لما خرج محمد ابن عبد الله بن حسن بالمدينة على أبي جعفر المنصور لزم عبيد الله بن عمر ضيعته واعتزل فيها ولم يخرج مع محمد، وخرج معه أخواه عبد الله بن عمر العمري وأبو بكر بن عمر أخوه، فقال محمد بن عبد الله لعبد الله بن عمر:فأين أبو عثمان؟ قال: في ضيعته، فإذا كنت أنا معك وأبو بكر بن عمر فكأن أبا عثمان معنا، فقال محمد: أجل ! وكف عنه وعن كل من اعتزله فلم يخرج معه ولم يكره أحدا على الخروج، فلما انقضى أمر محمد بن عبد الله وقتل وأمن الناس والبلاد دخل عبيد الله بن عمر المدينة فلم يزل بها إلى أن توفي بها سنة سبع وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر المنصور، وكان ثقة كثير الحديث حجة ).

ولزوم البيوت حكم زائد على ما ذكرته في تجنب الفتنة وترك التحرك فيها، لأن المرء قد يتحرك في الفتن من غير لزومه بيته، فيكون لزوم البيت أبلغ في النجاة، وهذا الذي نوَّه به الحديث الذي رواه مسلم (2887) عن عثمان الشَّحَّام قال: انطلقت أنا وفرقد السَّبَخي إلى مسلم ابن أبي بكرة وهو في أرضه، فدخلنا عليه فقلنا: هل سمعت أباك يحدث في الفتن حديثا؟ قال: نعم، سمعت أبا بكرة يحدث قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنها ستكون فتن، ألا ثم تكون فتن، القاعد فيها خير من الماشي فيها، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فقال رجل: يا رسول الله ! أرأيت من لم يكن له إبل ولا غنم ولا أرض؟ قال: يعمد إلى سيفه فيدُقُّ على حدِّه بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت؟! اللهم هل بلغت؟! اللهم هل بلغت؟ٍ! قال: فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن أكرهت حتى يُنطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني؟ قال: يبوء بإصثمه وإثمك ويكون من أصحاب النار )، وتأمل هذا الحديث التفصيل والتأكيد من النبي صلى الله عليه وسلم الدَّلَّين على تمام نصحه لأمته وتبليغه البلاغ المبين ومع ذلك فقد كان أكثر الناس عنه ناكبين، وإلى الفتن متسارعين، والأمر لله!

من كتاب “تمييز ذوي الفطن بين شرف الجهاد وسرف الفتن

أحمد سالم

المساهمات : 126
تاريخ التسجيل : 13/04/2011

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى