مُصاحَبَة الشّياطين لذوي الخُلُق السِّيِّء"“للشيخ عبد المالك رمضاني"
صفحة 1 من اصل 1
مُصاحَبَة الشّياطين لذوي الخُلُق السِّيِّء"“للشيخ عبد المالك رمضاني"
سورَةُ الشُّعرَاء
مُصاحَبَة الشّياطين لذوي الخُلُق السِّيِّء في القَوْلِ و الفِعْلِ
قال الله تعالى : ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ . تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ ( الشّعراء : 221-223 ) .
دلّ هذا النّبأ الكريم على أنّ الشّياطين تقترن بمن يُشاكلها و يُشابهها ، و هو كلّ أفاّكٍ أثيمٍ ، فإن قلتَ : لِمَ خصّه بهذين الوصفين ؟
قيل : لأنّ الأفّاك هو الكذوب في قوله ، و الأثيم هو الفاجر في فعله ، كما في ” تفسير ابن كثير ” ، و قال ابن تيمية في ” تفسير آياتٍ أشكلت على كثيرٍ من العلماء ” ( 2/727-728 ) : ” فأخبر أنّ الشّياطين إنّما تنزل على من يُناسبها ، و هو الكاذب في قوله الفاجر في عمله ، بخلاف الصّادق البَرّ ، و أنّ الشّعراء إنّما يحرّكون النّفوس إلى أهوائها فيتّبعهم الغاوون ، و هم الّذين يتّبعون الأهواء و شهوات الغيّ ، فنفى كلاًّ منهما بانتفاء لازمه ، و بيَّن ما تجتمع فيه من شياطين الإنس و الجنّ ” .
يريد بقوله : ” الأهواء و شهوات الغيّ ” الشّبهات و الشّهوات ، أي إنّ الشّياطين تدعو إليها ، و الله نزّه أنبياءه منها .
و هذه الصّفات الّتي في آية الباب هي صفات المنحرفين خُلقيّاً ، و كون الشّياطين تتنزّل عليهم هو دليلٌ على أنّ الشّياطين كثيراً ما تتسلّطُ على ذوي الخُلق السّيّء ، و لذلك لمّا نزل جبريل على النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أوّل مبعثه ، خاف على نفسه ممّا جاءه قبل أن يستيقن أنّه مَلَكٌ ، و أخبر زوجه خديجة بالّذي أتاه كما جاء في الصّحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ، و فيه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : ” قال لخديجةَ : أَيْ خديجةُ ! ما لي ؟ و أخبرها الخبر ، قال : لقد خشيتُ على نقسي ، قالت له خديجة : كلاّ أبشر ! فوالله ! لا يُخزيك الله أبداً ؛ و الله ! إنّك لتصلُ الرّحم ، و تصدق الحديث ، و تحمل الكَلَّّ ، و تكسب المعدوم ، و تقري الضّيف ، و تعين على نوائب الحقّ ” ، و قد نبّه ابن تيمية رحمه الله على هذه الفائدة العظيمة و شرحها في ” دقائق التّفسير ” ( 2/118-119 ) ، فقال : ” فهذا ممّا بيّن الله به الفَرْق بين الكاهن و النّبيّ ، و بين الشّاعر و النّبيّ ، لمّا زعم المفترون أنّ محمّداً صلّى الله عليه و سلّم شاعرٌ و كاهنٌ … فاستدلّت رضي الله عنها بحسن عقلها على أنّ من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة – الّتي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين – أنّه لا يخزيه فيفسد الشّيطان عقله و دينه ، و لم يكن معها قبل ذلك وحيٌ تعلم به انتفاء ذلك ، بل علِمته بمجرّد عقلها الرّاجح ، و كذلك لمّا ادّعى النّبوّة من ادّعاها من الكذّابين مثل مسيلمة الكذّاب و العنسي و غيرهما ، مع ما كان يشتبه من أمرهم لِمَا كان ينزل عليهم من الشّياطين و يوحون إليهم ، حتّى يظنّ الجاهل أنّ هذا من جنس ما ينزل على الأنبياء و يوحَى إليهم ، فكان ما يبلغ العقلاء و ما يرونه من سيرتهم و الكذب الفاحش و الظّلم و نحو ذلك يبيّن لهم أنّه ليس بنبيٍّ ؛ إذ قد علموا أنّ النبيّ لا يكون كاذباً و لا فاجراً ” .
و قد توسّعتُ بعض الشّيء في هذا الموضوع في ” الموعظة الحسنة في الأخلاق الحسنة ” ( ص8-25 ) .
منقول من كتاب ” من كل سورة فائدة ” للشيخ أبي عبد الله عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري حفظه الله
مُصاحَبَة الشّياطين لذوي الخُلُق السِّيِّء في القَوْلِ و الفِعْلِ
قال الله تعالى : ﴿ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ . تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ . يُلْقُونَ ٱلسَّمْعَ وَ أَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾ ( الشّعراء : 221-223 ) .
دلّ هذا النّبأ الكريم على أنّ الشّياطين تقترن بمن يُشاكلها و يُشابهها ، و هو كلّ أفاّكٍ أثيمٍ ، فإن قلتَ : لِمَ خصّه بهذين الوصفين ؟
قيل : لأنّ الأفّاك هو الكذوب في قوله ، و الأثيم هو الفاجر في فعله ، كما في ” تفسير ابن كثير ” ، و قال ابن تيمية في ” تفسير آياتٍ أشكلت على كثيرٍ من العلماء ” ( 2/727-728 ) : ” فأخبر أنّ الشّياطين إنّما تنزل على من يُناسبها ، و هو الكاذب في قوله الفاجر في عمله ، بخلاف الصّادق البَرّ ، و أنّ الشّعراء إنّما يحرّكون النّفوس إلى أهوائها فيتّبعهم الغاوون ، و هم الّذين يتّبعون الأهواء و شهوات الغيّ ، فنفى كلاًّ منهما بانتفاء لازمه ، و بيَّن ما تجتمع فيه من شياطين الإنس و الجنّ ” .
يريد بقوله : ” الأهواء و شهوات الغيّ ” الشّبهات و الشّهوات ، أي إنّ الشّياطين تدعو إليها ، و الله نزّه أنبياءه منها .
و هذه الصّفات الّتي في آية الباب هي صفات المنحرفين خُلقيّاً ، و كون الشّياطين تتنزّل عليهم هو دليلٌ على أنّ الشّياطين كثيراً ما تتسلّطُ على ذوي الخُلق السّيّء ، و لذلك لمّا نزل جبريل على النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم أوّل مبعثه ، خاف على نفسه ممّا جاءه قبل أن يستيقن أنّه مَلَكٌ ، و أخبر زوجه خديجة بالّذي أتاه كما جاء في الصّحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ، و فيه أنّ النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم : ” قال لخديجةَ : أَيْ خديجةُ ! ما لي ؟ و أخبرها الخبر ، قال : لقد خشيتُ على نقسي ، قالت له خديجة : كلاّ أبشر ! فوالله ! لا يُخزيك الله أبداً ؛ و الله ! إنّك لتصلُ الرّحم ، و تصدق الحديث ، و تحمل الكَلَّّ ، و تكسب المعدوم ، و تقري الضّيف ، و تعين على نوائب الحقّ ” ، و قد نبّه ابن تيمية رحمه الله على هذه الفائدة العظيمة و شرحها في ” دقائق التّفسير ” ( 2/118-119 ) ، فقال : ” فهذا ممّا بيّن الله به الفَرْق بين الكاهن و النّبيّ ، و بين الشّاعر و النّبيّ ، لمّا زعم المفترون أنّ محمّداً صلّى الله عليه و سلّم شاعرٌ و كاهنٌ … فاستدلّت رضي الله عنها بحسن عقلها على أنّ من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة – الّتي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين – أنّه لا يخزيه فيفسد الشّيطان عقله و دينه ، و لم يكن معها قبل ذلك وحيٌ تعلم به انتفاء ذلك ، بل علِمته بمجرّد عقلها الرّاجح ، و كذلك لمّا ادّعى النّبوّة من ادّعاها من الكذّابين مثل مسيلمة الكذّاب و العنسي و غيرهما ، مع ما كان يشتبه من أمرهم لِمَا كان ينزل عليهم من الشّياطين و يوحون إليهم ، حتّى يظنّ الجاهل أنّ هذا من جنس ما ينزل على الأنبياء و يوحَى إليهم ، فكان ما يبلغ العقلاء و ما يرونه من سيرتهم و الكذب الفاحش و الظّلم و نحو ذلك يبيّن لهم أنّه ليس بنبيٍّ ؛ إذ قد علموا أنّ النبيّ لا يكون كاذباً و لا فاجراً ” .
و قد توسّعتُ بعض الشّيء في هذا الموضوع في ” الموعظة الحسنة في الأخلاق الحسنة ” ( ص8-25 ) .
منقول من كتاب ” من كل سورة فائدة ” للشيخ أبي عبد الله عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري حفظه الله
أحمد سالم- المساهمات : 126
تاريخ التسجيل : 13/04/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى